تُكرِّم منظمة الإيسيسكو، بالشراكة مع مؤسسة حيدر ألييف، الشاعرة والمصلحة الاجتماعية الأذربيجانية البارزة خورشيدبانو ناتافان، من خلال إطلاق “جائزة الإيسيسكو-أذربيجان للتميز في مجال التراث – ناتافان”، لأفضل المبادرات والممارسات في النهوض بالتراث، وإبراز النماذج الرائدة في مجالات إدارته وصونه في العالم الإسلامي.
إن للإدارة الفعالة للتراث وصونه أثرًا بالغًا في ترسيخ هوية الشعوب وتعزيز مسارات التنمية المستدامة للأجيال الحاضرة والمقبلة. وفي ظل ما يشهده العالم اليوم من أزمات ناتجة عن اختلالات تنموية وصراعات وتغيرات مناخية، باتت الإنسانية أمام تحديات جسيمة تهدد تراثها المشترك. وإزاء هذا التسارع في حجم التحديات وتنوعها، تبرز الحاجة إلى إيجاد بيئة حاضنة للتفكير المبتكر والرؤى التكنولوجية الرصينة، بما يضمن أن يظل التراث مصدر اعتزاز وركيزة مستدامة للمجتمعات.
تعنى الجائزة بتكريم أفضل الممارسات في صون التراث المادي وإدارته، وتعزيز تثمينه والنهوض به في العالم الإسلامي. وتُمنح الجائزة للمبادرات المتميزة التي تحفظ الذاكرة التراثية وتحتفي بأفضل ما خلفته الحضارات. وتهدف كذلك إلى إبراز الممارسات المبتكرة في صونه وإدارته، وذلك من حيث المهارات الموظفة، وكذا من حيث الأثرين الاجتماعي والاقتصادي لهذه المبادرات على المجتمعات المحلية والجمهور العام. وتُمنح للأفراد والمنظمات الذين تميزوا بأفكار مبتكرة أثبتت جدارتها من حيث مستوى التنفيذ والتأثير والانخراط المجتمعي، بما يضمن الصون المستدام للتراث وإدارته.
وقد سُميت الجائزة تكريما لشخصية أذربيجانية بارزة، هي الشاعرة والمصلحة الاجتماعية خورشيدبانو ناتافان، تقديرا لأعمالها الخيرية ونشاطها الاجتماعي والإنساني في خدمة التراث الثقافي. فقد كانت ناتافان ابنة آخر حكام خانية قره باغ، من الشخصيات المؤثرة في القرن التاسع عشر، حيث أسهمت بأشعارها في إثراء الأدب الأذربيجاني، ودعمت المبادرات الثقافية وشجعت على التعبير الفني والنهوض بالمجتمع، كما لعبت دورا مهما في ترميم المعالم التاريخية ورعاية الحرفيين المحليين وتعزيز التقاليد الموسيقية والأدبية وسائر مظاهر التراث الثقافي في قره باغ. وقد كان لأعمالها الإنسانية وجهودها في حفظ التراث أثر عميق، مما جعل منها رمزا للصمود والاعتزاز الثقافي في أذربيجان.
خلّدت خورشيدبانو نتافان حضورها في ذاكرة أهالي شوشا، إذ عُرفت الينابيع التي أنشأتها من حجارة شوشا البيضاء الشهيرة باسم “ينابيع ناتافان”، وأُدرجت كذلك ضمن المعالم التاريخية المحمية.
تهدف جائزة “ناتافان للتميز في التراث الثقافي” إلى إبراز أفضل الممارسات في مجالات صون التراث وإدارته داخل الدول الأعضاء في الإيسيسكو، وتشجيع اعتماد أساليب متطورة وتعزيز التعاون بين البلدان من أجل الحفاظ على تراثها وتثمينه. كما تسعى الجائزة إلى تكريم الأفراد الاستثنائيين والاحتفاء بمساهماتهم المتميزة في مجال حماية التراث الثقافي.
تهدف الجائزة إلى تكريم المشاريع التي تُعنى بصون التراث الثقافي المادي وترميمه وتأهيله. وتندرج المشاريع المقدمة، على سبيل المثال لا الحصر، ضمن الفئات الآتية
الناشطين في مجال حماية التراث الثقافي والنهوض به، من خلال وضع السياسات الفعّالة والتخطيط الاستراتيجي والقيادة المؤسسية، أو تعبئة الموارد.
الذين حققوا أثرا بارزا في مجالات صون التراث الثقافي، أو ترميمه، أو إدارته. ويمكن أن يشمل الأفراد المعماريين، والمُرمّمين، والقَيّمين، ومديري المواقع، وغيرهم من الخبراء التقنيين الذين تميزت أعمالهم بالجودة أو الابتكار أو الأثر الملحوظ في حفظ التراث الثقافي.
شُيدت المؤسسة تلبيةً لرغبة الشعب الأذربيجاني في التعبير عن احترامه لذكرى الزعيم الوطني حيدر ألييف، الذي خلد اسمه في سجل التاريخ بصفته مؤسس الدولة المستقلة. وجاء إنشاؤها تأكيدًا على ضرورة تثمين إرثه المعنوي المتميز، وتسليط الضوء على فلسفة “الأذربيجانية” وترسيخ القيم الوطنية في نفوس الأجيال الصاعدة.
ومنذ تأسيسها في عام 2004، دأبت مؤسسة حيدر ألييف على الإسهام بفعالية في دعم مسار التنمية المستدامة على الصعيد العالمي، من خلال تنفيذ مجموعة واسعة من المشاريع في مجالات التعليم، والصحة العامة والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا والبيئة وغيرها من القطاعات الحيوية. وقد اضطلعت المؤسسة بدور ريادي في المجال الثقافي، حيث دعمت العديد من المبادرات الهادفة إلى ترميم المعالم والمواقع التراثية في أذربيجان وخارجها، لا سيّما في دول مثل إيطاليا وبلغاريا وباكستان وأذربيجان، وذلك في إطار سعيها الدؤوب إلى صون التراث الثقافي والتاريخي.